الحج
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله على المسلمين في العام السادس الهجري، وهو من أفضل الأعمال، فقد سئل رسول الله (: أى الأعمال أفضل؟
قال: (إيمان بالله ورسوله).
قيل: ثم ماذا؟ قال: (جهاد في سبيل الله).
قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور (وهو الحج الذي لم يخالطه إثم). _[متفق عليه]
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: (لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور) _[متفق عليه].
والحج كفارة للذنوب، قال (: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) _[متفق عليه]. وقال أيضًا: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) _[متفق عليه] وقال (: (الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) _[البزار].
والحج يطهر النفس، ويعيد إليها الصفاء والإخلاص، كما أنه يعود الإنسان على الصبر وتحمل المشاق، والحج يغرس في النفس روح العبودية الكاملة لله، والخضوع الصادق لشرع الله، وبالحج يؤدى العبد لله شكر نعمة المال ونعمة العافية.
والحج يؤدي إلى تعارف المسلمين فيما بينهم على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم، ويشعرهم بقوة رابطة الأخوة الإسلامية، ويساعد على نشر دعوة الإسلام، كما أنه مؤتمر شعبي لمخاطبة المسلمين والتعرف على أحوالهم، ومناقشة مشاكلهم.
شروط وجوب الحج:
1 - الإسلام، فلا يجب الحج على الكافر.
2 - البلوغ، فلا يجب على صبي، ولو حج الصبي قبل البلوغ، لم يجزئه عن الفريضة بعد البلوغ، بل عليه الحج مرة أخرى، لقوله (: (أيما صبي حج ثم بلغ الحنث (سن التكليف) فعليه أن يحج حجة أخرى) _[الطبراني].
3 - العقل، فلا حج على مجنون، وإن فعله فلا يصح منه.
4 - الحرية، فلا يجب على عبد.
5 - الاستطاعة، بحيث يكون قادرًا على تحمل مشقة السفر، وأن يملك ما يكفيه ويكفي من تلزمه نفقتهم حتى يرجع.
والمرأة مثلها مثل الرجل في شروط وجوب الحج إلا أنه يشترط أن يصحبها زوج أو محرم، أو يكون معها نسوة ثقات أو رفقة مأمونة.
من مات وعليه حج:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة جاءت إلى النبي (، فقالت: إن أمي نذرت أن تـحُج، فماتتْ قبل أن تحجَّ، أفأحج عنها؟ قال: (نعم، حُجِّى عنها، أرأيت لو كان على أمك دَيْن أكنت قاضيتَهُ؟) قالت: نعم. قال: (فاقضوا الذي له، فإن الله أحق بالوفاء) _[البخاري].
لذلك إذا مات المسلم ولم يؤدِ فريضة الحج، أو كان قد نذر الحج ولم يحج فيجب على وليه (أقرب أهله إليه) أن يحج عنه من ماله.
الحج عن الغير:
إذا عجز المسلم عن الحج لمرض أو شيخوخة، فإن له أن يؤجر من يحج عنه بشرط أن يكون الحاج قد أدى الحج عن نفسه أولا، فقد سمع الرسول ( رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: (من شبرمة؟) قال: أخ لى، أو قريب لي، فقال: (حججت عن نفسك؟) قال: لا.. فقال النبي (: (حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة) _[أبوداود وابن ماجه] واتفق العلماء على فرضية الحج مرة في العمر.
هل وجوب الحج على الفور أم على التراخى؟
يجب الحج فورًا على من خاف فوته لكبر أو ضياع المال أو غير ذلك، فإن لم يخف فواته، عزم على تأديته، فإن تأخيره قليلا عن زمن الاستطاعة جائز ويستحب له التعجيل.
موانع الحج:
1- الأبوة، فللوالدين منع الابن من حج أو عمرة تطوعًا، ويستحب استئذان الأبوين في حجة الفريضة.
2- الزوجية، يجوز للزوج منع زوجته من الحج أو العمرة تطوعًا، وكذلك الحج الفرض عند بعض الفقهاء، ورأي الجمهور على أنه يجوز للمرأة أن تحج الفريضة بدون رضا زوجها.
3- الرق: فللسيد أن يمنع عبده من الحج فرضًا وتطوعًا.
4- الحبس ظلمًا أو لأي عذر آخر.
5- الدين، فللدائن منع المدين الموسر من السفر، إلا أن يكون الدين مؤجلا بحيث لا يمنع السفر.
6- الحجر: فلا يحج السفيه إلا بإذن وليه أو وصيه.
7- المرض، فمن كان موسرًا، ويستطيع نفقات الحج، إلا أن به مرضًا يمنع من الحج، فلا يجب عليه.
المواقيت الزمانية للحج:
هي الأوقات التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيها، وهي شهر شوال وذو القعدة وعشر ليال من شهر ذي الحجة، قال تعالى: {الحج أشهر معلومات} _[البقرة: 197].
المواقيت المكانية للحج:
هي الأماكن التي يُحْرِم منها من يريد الحج أو العمرة، وهي:
1 - ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة؛ وهو موضع يقع شمال مكة، يبعد عنها
450 كم، وهو أبعد ميقات مكاني عن مكة.
2 - ميقات أهل الشام ومصر: رابغ؛ وهو موضع يقع شمال غربى مكة، ويبعد عنها 204كم.
3 - ميقات أهل نجد: قرن المنازل؛ وهو جبل شرقى مكة، يبعد عنها 94كم.
4- ميقات أهل اليمن والهند: يلملم؛وهو جبل جنوب مكة يبعد عنها 54كم.
5 - ميقات أهل العراق: ذات عِرْق؛وهو موضع شمال شرقى مكة، يبعد
عنها 94كم.
6 - من كان بمكة سواء كان من أهل مكة أم لا، فميقاته مكة، ولا يطلب ممن ليس من أهلها الخروج ليحرم من ميقات أهل بلده، وكذلك كل من كان مسكنه خارج مكة، ولكن بعد المواقيت المعينة للإحرام فإحرامه من مسكنه.
الإحرام من الميقات:
يجب الإحرام من الميقات، ومن مر بميقات أو حاذاه قاصدًا الحج، وإن لم يكن من أهل تلك الجهة التي تحرم من هذا الميقات؛ وجب عليه الإحرام منه، ولا يجوز له أن يجاوزه بدون إحرام، فإن جاوزه ولم يحرم، وجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه، وذلك إذا كان الطريق مأمونًا، وكان الوقت متسعًا، بحيث لا يفوته الحج فإن لم يرجع لزمه ذبح؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج؛ لأنه جاوز الميقات بدون إحرام.
والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا قرب من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبى بالعمرة إن كان الوقت متسعًا لأدائها، وإن كان الوقت ضيقًا لبى بالحج، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات، فلا بأس ولكن لا ينوي الدخول في النسك، ولا يلبي بذلك إلا إذا حاذى الميقات أو قرب منه.
أركان الحج
1 - الإحرام:
وهو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة أو هما معًا، والأنساك ثلاثة أنواع:
- القران: وهو أن يحرم المسلم من ميقاته بالحج والعمرة معًا، ويقول عند التلبية: لبيك بحج وعمرة.
- التمتع: وهو أن يعتمر المسلم في أشهر الحج أولا، ثم يتحلل منها، ثم يحرم بالحج ويحج قبل أن يعود إلى بلده في عامه ذلك الذي اعتمر فيه.
- الإفراد: وهو أن يحرم المسلم من ميقاته بالحج وحده، ويقول في التلبية: (لبيك بحج).
ولا يجوز لأهل الحرم أن يحرموا إحرام قران أو تمتع، وأفضل الثلاثة التمتع ثم الإفراد ثم القران.
آداب الإحرام:
للإحرام آداب منها:
1 - الغسل: يستحب لمن نوى الإحرام أن يغتسل غسلا للنظافة.
2 - قص شعر الرأس، وقص الشارب، وحلق العانة والإبط وقص الأظافر.
3 - عدم لبس المخيط وذلك للذكر، ويلبس ملابس الإحرام وهما الرداء والإزار والرداء يكون على الظهر والصدر والكتفين، والإزار يغطي من السرة
إلى الركبة، وإحرام المرأة في وجهها، فلا تغطيه، وعليها أن تستر وجهها عند مرور الرجال.
4 - التطيب في البدن قبل الإحرام.
5 - التلبية وتبدأ عقب الصلاة، أو بعد ما يستوي على راحلته ويجدد التلبية عند كل هبوط وصعود، ويستمر في التلبية حتى يبدأ الرمي لجمرة العقبة يوم العيد فعندها تنقطع التلبية.
ما يباح للمحرم:
1 - الاغتسال وتغيير الرداء والإزار، ويجوز للمرأة أن تفك ضفائرها وتمتشط إذا لم يترتب على ذلك سقوط شيء مما في رأسها كالشعر مثلا.
2 - أن تلبس المرأة الخفين.
3 - أن يستظل المحرم بمظلة أو خيمة أو سقف.
4 - قتل ما يؤذي الإنسان، قال (: (خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والغراب والحدأة) _[متفق عليه].
ما يحظر على المحرم:
هناك ما هو محظور فعله في الإحرام ويفسد الإحرام بعمله وهو الجماع، وهناك أمور يحرم على المحرم فعلها، وإذا فعل شيئًا منها فقد وجبت عليه الفدية، فيذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، وحجه صحيح، وهذه الأشياء هي:
1 - حلق الشعر، أو قص بعضه من أي موضع من الجسم، وتقليم الأظافر، قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196].
2 - لبس الثياب المخيطة أو المحيطة ببدنه كالقميص أو العمامة وذلك للرجال.
أما النساء فيلبسن المخيط، ويحرم على المرأة وقت الإحرام أن تلبس القفازين في يديها وأن تستر وجهها بالنقاب أو البرقع، لكن إذا كانت بحضرة الرجال الأجانب عنها وجب عليها ستر وجهها بالخمار ونحوه كما لو لم تكن محرمة.
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ( محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه. _[أبو داود وابن ماجه].
3 - التطيب في الثوب أو البدن، أو لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة.
4 - قتل صيد البر أو الأكل منه أو الإشارة إليه ليقتله غيره، ويجوز أكل صيد البحر، فمن قتل صيد البر وهو محرم فعليه كفارة من النعم مثل ما قتل تمامًا وكذلك يحرم قطع نبات حرم مكة أو شجره.
5 - عقد النكاح أو الخطبة قال (: (لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب) [مسلم].
6 - تقبيل المرأة أو لمسها بشهوة، وسائر مقدمات الجماع، وبالإضافة لكل ذلك يحرم على المحرم فعل جميع المحظورات من فسوق ومعصية.
2 - طواف الركن :
ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، وإذا فات طواف الإفاضة عن أيام النحر لا يسقط، بل يجب أن يأتي به الحاج؛ لأن سائر الأوقات وقته، ومن تركه وعاد إلى بلده، رجع من بلده متى أمكنه ذلك محرمًا، لا يجزئه غير ذلك.
شروط الطواف:
1 - النية.
2 - الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر والنجاسة، قالت عائشة -رضي الله عنه-: إن أول شيء بدأ به حين قدم النبي ( أنه توضأ، ثم طاف بالبيت. _[متفق عليه].
3 - ستر العورة: قال (: (ألا يحج بعد العام (قبل حجة الوداع) مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) _[متفق عليه].
4 - الطواف سبعة أشواط كاملة، فإن شك بنى على الأقل حتى يتم السبعة.
5 - أن يبدأ بالطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه.
6 - أن يكون البيت عن يسار الذي يطوف، فعن جابر أن رسول الله ( لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى عن يمينه، فرمل ثلاثًا (أي أسرع) ومشى أربعًا. [مسلم].
7 - أن يكون الطواف حول البيت لا بداخله.
8 - الموالاة والتتابع بين الأشواط فلا يفصل بينها بفاصل زمني.
سنن الطواف:
1 - تقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف أو لمسه أو الإشارة إليه إذا تعذر تقبيله، ويقول: (بسم الله والله أكبر) _[أحمد].
2 - الرَّملُ (الإسراع) في الأشواط الثلاثة الأولى، والمشي في الأربعة الباقية .
3 - القرب من البيت لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل.
4 - الدعاء بالمأثور.
5 - الموالاة في الأشواط.
6 - الاضطباع، وهو جعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن، وطرفيه على الكتف الأيسر، لأن ذلك أسرع في المشي، وهو للرجال دون النساء.
7 - صلاة ركعتين بعد الطواف، يقرأ فيهما بسورتي الكافرون والإخلاص، وإن تيسر فعلهما خلف المقام فهو أولى، وإلا ففي أي مكان من الحرم.
8 - الشرب من ماء زمزم، فقد شرب النبي ( من ماء زمزم وقال: (إنها مباركة إنها طعام طعم (أى: يشبع من شربه) [مسلم].
ويشرب الحاج من ماء زمزم بنية ما يشاء من خير الدنيا والآخرة، قال (: (ماء زمزم لما شرب له) _[أحمد وابن ماجه].
فإذا دعا المريض أن يشفيه الله وهو يشرب ماء زمزم، فإن الله
يتقبل دعاءه، ويستحب أن يكون الشرب منه على ثلاثة أنفاس، وأن يستقبل به القبلة، ويشرب حتى يشبع منه، ويحمد الله، ويدعو بما يشاء، كأن يقول: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء.
3 - السعي بين الصفا والمروة:
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله على المسلمين في العام السادس الهجري، وهو من أفضل الأعمال، فقد سئل رسول الله (: أى الأعمال أفضل؟
قال: (إيمان بالله ورسوله).
قيل: ثم ماذا؟ قال: (جهاد في سبيل الله).
قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور (وهو الحج الذي لم يخالطه إثم). _[متفق عليه]
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: (لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور) _[متفق عليه].
والحج كفارة للذنوب، قال (: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) _[متفق عليه]. وقال أيضًا: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) _[متفق عليه] وقال (: (الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) _[البزار].
والحج يطهر النفس، ويعيد إليها الصفاء والإخلاص، كما أنه يعود الإنسان على الصبر وتحمل المشاق، والحج يغرس في النفس روح العبودية الكاملة لله، والخضوع الصادق لشرع الله، وبالحج يؤدى العبد لله شكر نعمة المال ونعمة العافية.
والحج يؤدي إلى تعارف المسلمين فيما بينهم على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم، ويشعرهم بقوة رابطة الأخوة الإسلامية، ويساعد على نشر دعوة الإسلام، كما أنه مؤتمر شعبي لمخاطبة المسلمين والتعرف على أحوالهم، ومناقشة مشاكلهم.
شروط وجوب الحج:
1 - الإسلام، فلا يجب الحج على الكافر.
2 - البلوغ، فلا يجب على صبي، ولو حج الصبي قبل البلوغ، لم يجزئه عن الفريضة بعد البلوغ، بل عليه الحج مرة أخرى، لقوله (: (أيما صبي حج ثم بلغ الحنث (سن التكليف) فعليه أن يحج حجة أخرى) _[الطبراني].
3 - العقل، فلا حج على مجنون، وإن فعله فلا يصح منه.
4 - الحرية، فلا يجب على عبد.
5 - الاستطاعة، بحيث يكون قادرًا على تحمل مشقة السفر، وأن يملك ما يكفيه ويكفي من تلزمه نفقتهم حتى يرجع.
والمرأة مثلها مثل الرجل في شروط وجوب الحج إلا أنه يشترط أن يصحبها زوج أو محرم، أو يكون معها نسوة ثقات أو رفقة مأمونة.
من مات وعليه حج:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة جاءت إلى النبي (، فقالت: إن أمي نذرت أن تـحُج، فماتتْ قبل أن تحجَّ، أفأحج عنها؟ قال: (نعم، حُجِّى عنها، أرأيت لو كان على أمك دَيْن أكنت قاضيتَهُ؟) قالت: نعم. قال: (فاقضوا الذي له، فإن الله أحق بالوفاء) _[البخاري].
لذلك إذا مات المسلم ولم يؤدِ فريضة الحج، أو كان قد نذر الحج ولم يحج فيجب على وليه (أقرب أهله إليه) أن يحج عنه من ماله.
الحج عن الغير:
إذا عجز المسلم عن الحج لمرض أو شيخوخة، فإن له أن يؤجر من يحج عنه بشرط أن يكون الحاج قد أدى الحج عن نفسه أولا، فقد سمع الرسول ( رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: (من شبرمة؟) قال: أخ لى، أو قريب لي، فقال: (حججت عن نفسك؟) قال: لا.. فقال النبي (: (حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة) _[أبوداود وابن ماجه] واتفق العلماء على فرضية الحج مرة في العمر.
هل وجوب الحج على الفور أم على التراخى؟
يجب الحج فورًا على من خاف فوته لكبر أو ضياع المال أو غير ذلك، فإن لم يخف فواته، عزم على تأديته، فإن تأخيره قليلا عن زمن الاستطاعة جائز ويستحب له التعجيل.
موانع الحج:
1- الأبوة، فللوالدين منع الابن من حج أو عمرة تطوعًا، ويستحب استئذان الأبوين في حجة الفريضة.
2- الزوجية، يجوز للزوج منع زوجته من الحج أو العمرة تطوعًا، وكذلك الحج الفرض عند بعض الفقهاء، ورأي الجمهور على أنه يجوز للمرأة أن تحج الفريضة بدون رضا زوجها.
3- الرق: فللسيد أن يمنع عبده من الحج فرضًا وتطوعًا.
4- الحبس ظلمًا أو لأي عذر آخر.
5- الدين، فللدائن منع المدين الموسر من السفر، إلا أن يكون الدين مؤجلا بحيث لا يمنع السفر.
6- الحجر: فلا يحج السفيه إلا بإذن وليه أو وصيه.
7- المرض، فمن كان موسرًا، ويستطيع نفقات الحج، إلا أن به مرضًا يمنع من الحج، فلا يجب عليه.
المواقيت الزمانية للحج:
هي الأوقات التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيها، وهي شهر شوال وذو القعدة وعشر ليال من شهر ذي الحجة، قال تعالى: {الحج أشهر معلومات} _[البقرة: 197].
المواقيت المكانية للحج:
هي الأماكن التي يُحْرِم منها من يريد الحج أو العمرة، وهي:
1 - ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة؛ وهو موضع يقع شمال مكة، يبعد عنها
450 كم، وهو أبعد ميقات مكاني عن مكة.
2 - ميقات أهل الشام ومصر: رابغ؛ وهو موضع يقع شمال غربى مكة، ويبعد عنها 204كم.
3 - ميقات أهل نجد: قرن المنازل؛ وهو جبل شرقى مكة، يبعد عنها 94كم.
4- ميقات أهل اليمن والهند: يلملم؛وهو جبل جنوب مكة يبعد عنها 54كم.
5 - ميقات أهل العراق: ذات عِرْق؛وهو موضع شمال شرقى مكة، يبعد
عنها 94كم.
6 - من كان بمكة سواء كان من أهل مكة أم لا، فميقاته مكة، ولا يطلب ممن ليس من أهلها الخروج ليحرم من ميقات أهل بلده، وكذلك كل من كان مسكنه خارج مكة، ولكن بعد المواقيت المعينة للإحرام فإحرامه من مسكنه.
الإحرام من الميقات:
يجب الإحرام من الميقات، ومن مر بميقات أو حاذاه قاصدًا الحج، وإن لم يكن من أهل تلك الجهة التي تحرم من هذا الميقات؛ وجب عليه الإحرام منه، ولا يجوز له أن يجاوزه بدون إحرام، فإن جاوزه ولم يحرم، وجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه، وذلك إذا كان الطريق مأمونًا، وكان الوقت متسعًا، بحيث لا يفوته الحج فإن لم يرجع لزمه ذبح؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج؛ لأنه جاوز الميقات بدون إحرام.
والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا قرب من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبى بالعمرة إن كان الوقت متسعًا لأدائها، وإن كان الوقت ضيقًا لبى بالحج، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات، فلا بأس ولكن لا ينوي الدخول في النسك، ولا يلبي بذلك إلا إذا حاذى الميقات أو قرب منه.
أركان الحج
1 - الإحرام:
وهو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة أو هما معًا، والأنساك ثلاثة أنواع:
- القران: وهو أن يحرم المسلم من ميقاته بالحج والعمرة معًا، ويقول عند التلبية: لبيك بحج وعمرة.
- التمتع: وهو أن يعتمر المسلم في أشهر الحج أولا، ثم يتحلل منها، ثم يحرم بالحج ويحج قبل أن يعود إلى بلده في عامه ذلك الذي اعتمر فيه.
- الإفراد: وهو أن يحرم المسلم من ميقاته بالحج وحده، ويقول في التلبية: (لبيك بحج).
ولا يجوز لأهل الحرم أن يحرموا إحرام قران أو تمتع، وأفضل الثلاثة التمتع ثم الإفراد ثم القران.
آداب الإحرام:
للإحرام آداب منها:
1 - الغسل: يستحب لمن نوى الإحرام أن يغتسل غسلا للنظافة.
2 - قص شعر الرأس، وقص الشارب، وحلق العانة والإبط وقص الأظافر.
3 - عدم لبس المخيط وذلك للذكر، ويلبس ملابس الإحرام وهما الرداء والإزار والرداء يكون على الظهر والصدر والكتفين، والإزار يغطي من السرة
إلى الركبة، وإحرام المرأة في وجهها، فلا تغطيه، وعليها أن تستر وجهها عند مرور الرجال.
4 - التطيب في البدن قبل الإحرام.
5 - التلبية وتبدأ عقب الصلاة، أو بعد ما يستوي على راحلته ويجدد التلبية عند كل هبوط وصعود، ويستمر في التلبية حتى يبدأ الرمي لجمرة العقبة يوم العيد فعندها تنقطع التلبية.
ما يباح للمحرم:
1 - الاغتسال وتغيير الرداء والإزار، ويجوز للمرأة أن تفك ضفائرها وتمتشط إذا لم يترتب على ذلك سقوط شيء مما في رأسها كالشعر مثلا.
2 - أن تلبس المرأة الخفين.
3 - أن يستظل المحرم بمظلة أو خيمة أو سقف.
4 - قتل ما يؤذي الإنسان، قال (: (خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والغراب والحدأة) _[متفق عليه].
ما يحظر على المحرم:
هناك ما هو محظور فعله في الإحرام ويفسد الإحرام بعمله وهو الجماع، وهناك أمور يحرم على المحرم فعلها، وإذا فعل شيئًا منها فقد وجبت عليه الفدية، فيذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، وحجه صحيح، وهذه الأشياء هي:
1 - حلق الشعر، أو قص بعضه من أي موضع من الجسم، وتقليم الأظافر، قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196].
2 - لبس الثياب المخيطة أو المحيطة ببدنه كالقميص أو العمامة وذلك للرجال.
أما النساء فيلبسن المخيط، ويحرم على المرأة وقت الإحرام أن تلبس القفازين في يديها وأن تستر وجهها بالنقاب أو البرقع، لكن إذا كانت بحضرة الرجال الأجانب عنها وجب عليها ستر وجهها بالخمار ونحوه كما لو لم تكن محرمة.
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ( محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه. _[أبو داود وابن ماجه].
3 - التطيب في الثوب أو البدن، أو لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة.
4 - قتل صيد البر أو الأكل منه أو الإشارة إليه ليقتله غيره، ويجوز أكل صيد البحر، فمن قتل صيد البر وهو محرم فعليه كفارة من النعم مثل ما قتل تمامًا وكذلك يحرم قطع نبات حرم مكة أو شجره.
5 - عقد النكاح أو الخطبة قال (: (لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب) [مسلم].
6 - تقبيل المرأة أو لمسها بشهوة، وسائر مقدمات الجماع، وبالإضافة لكل ذلك يحرم على المحرم فعل جميع المحظورات من فسوق ومعصية.
2 - طواف الركن :
ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، وإذا فات طواف الإفاضة عن أيام النحر لا يسقط، بل يجب أن يأتي به الحاج؛ لأن سائر الأوقات وقته، ومن تركه وعاد إلى بلده، رجع من بلده متى أمكنه ذلك محرمًا، لا يجزئه غير ذلك.
شروط الطواف:
1 - النية.
2 - الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر والنجاسة، قالت عائشة -رضي الله عنه-: إن أول شيء بدأ به حين قدم النبي ( أنه توضأ، ثم طاف بالبيت. _[متفق عليه].
3 - ستر العورة: قال (: (ألا يحج بعد العام (قبل حجة الوداع) مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) _[متفق عليه].
4 - الطواف سبعة أشواط كاملة، فإن شك بنى على الأقل حتى يتم السبعة.
5 - أن يبدأ بالطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه.
6 - أن يكون البيت عن يسار الذي يطوف، فعن جابر أن رسول الله ( لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى عن يمينه، فرمل ثلاثًا (أي أسرع) ومشى أربعًا. [مسلم].
7 - أن يكون الطواف حول البيت لا بداخله.
8 - الموالاة والتتابع بين الأشواط فلا يفصل بينها بفاصل زمني.
سنن الطواف:
1 - تقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف أو لمسه أو الإشارة إليه إذا تعذر تقبيله، ويقول: (بسم الله والله أكبر) _[أحمد].
2 - الرَّملُ (الإسراع) في الأشواط الثلاثة الأولى، والمشي في الأربعة الباقية .
3 - القرب من البيت لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل.
4 - الدعاء بالمأثور.
5 - الموالاة في الأشواط.
6 - الاضطباع، وهو جعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن، وطرفيه على الكتف الأيسر، لأن ذلك أسرع في المشي، وهو للرجال دون النساء.
7 - صلاة ركعتين بعد الطواف، يقرأ فيهما بسورتي الكافرون والإخلاص، وإن تيسر فعلهما خلف المقام فهو أولى، وإلا ففي أي مكان من الحرم.
8 - الشرب من ماء زمزم، فقد شرب النبي ( من ماء زمزم وقال: (إنها مباركة إنها طعام طعم (أى: يشبع من شربه) [مسلم].
ويشرب الحاج من ماء زمزم بنية ما يشاء من خير الدنيا والآخرة، قال (: (ماء زمزم لما شرب له) _[أحمد وابن ماجه].
فإذا دعا المريض أن يشفيه الله وهو يشرب ماء زمزم، فإن الله
يتقبل دعاءه، ويستحب أن يكون الشرب منه على ثلاثة أنفاس، وأن يستقبل به القبلة، ويشرب حتى يشبع منه، ويحمد الله، ويدعو بما يشاء، كأن يقول: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء.
3 - السعي بين الصفا والمروة: