منتديات الكوماندوز الإسلاميه

مرحباُ بك .. نرجو التسجيل لدينا بالمنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الكوماندوز الإسلاميه

مرحباُ بك .. نرجو التسجيل لدينا بالمنتدى

منتديات الكوماندوز الإسلاميه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الكوماندوز الإسلاميه

    باب ذكر نكت في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

    احمد بدر
    احمد بدر
    المدير العام
    المدير العام


    عدد الرسائل : 397
    العمر : 37
    الموقع : https://ahmedbader.ahlamontada.com/index.htm
    العمل/الترفيه : المدير العام
    المزاج : رايق
    تاريخ التسجيل : 05/03/2008

    باب ذكر نكت في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها Empty باب ذكر نكت في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

    مُساهمة من طرف احمد بدر الجمعة 4 أبريل 2008 - 17:18


    باب ذكر نكت في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها


    المعجزة واحدة معجزات الأنبياء الدالة على صدقهم صلوات الله عليهم وسميت معجزة لأن البشر يعجزون عن الإتيان بمثلها وشرائطها خمسة فإن اختل منها شرط لا تكون معجزة


    فالشرط الأول : من شروطها أن تكون مما لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وإنما وجب حصول هذا الشرط للمعجزة لأنه لو أتى آت في زمان يصح فيه مجيء الرسل وادعى الرسالة وجعل معجزته أن يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد لم يكن هذا الذي أدعاه معجزة له ولا دالا على صدقه لقدرة الخلق على مثله وإنما يجب أن تكون المعجزات كفلق البحر وانشقاق القمر وما شاكلها مما يقدر عليها البشر


    فالشرط الثاني : هو أن تخرق العادة وإنما وجب اشتراط ذلك لأنه لو قال المدعي للرسالة : آيتي مجيء الليل بعد النهار وطلوع الشمس من مشرقها لم يكن فيما ادعاه معجزة لأن هذه الأفعال وإن كان يقدر عليها إلا الله فلم تفعل من أجله وقد كانت قبل دعواه على ما هي في حين دعواه ودعواه في دلالتها على نبوته كدعوى غيره فبان أنه لا وجه له يدل على صدقه والذي يسشتهد به الرسول عليه السلام له وجه يدل على صدقه وذلك ان يقول : الدليل على صدقي ان يخرق الله تعالى العادة من أجل دعواي عليه الرسالة فيقلب هذه العصا ثعبانا ويشق الحجر ويخرج من وسطه ناقة أو ينبع الماء من بين أصابعي كما ينبعه من العين أو ما سوى ذلك من الآيات الخارقة للعادات التي ينفرد بها جبار الأرض والسموات فتقوم له هذه العلامات مقام قول الرب سبحانه لو أسمعنا كلامه العزيز وقال : صدق أنا بعثته ومثال هذه المسألة ـ ولله ولرسوله المثل الأعلى ـ ما لو كانت جماعة بحضرة ملك من ملوك الأرض وقال أحد رجاله وهو بمرأى منه والملك يسمعه : الملك يأمركم أيها الجماعة بكذا وكذا ودليل ذلك ان الملك يصدقني بفعل من أفعاله وهو أن يخرج خاتمه من يده قاصدا بذلك تصديقي فإذا سمع الملك كلامه لهم ودعواه فيهم ثم عمل ما استشهد به على صدقه قام ذلك مقام قوله لو قال : صدق فيما ادعاه علي فكذلك اذا عمل الله عملا لا يقدر عليه إلا هو وخرق به العادة على يد الرسول قام ذلك الفعل مقام كلامه تعالى لو أسمعناه وقال : صدق عبدي في دعوى الرسالة وأنا أرسلته إليكم فاسمعوا له وأطيعوا


    والشرط الثالث : هو أن يستشهد بها مدعي الرسالة على الله عز وجل فيقول : آيتي أن يقلب الله سبحانه هذا الماء زيتا أو يحرك الأرض عند قولي لها : تزلزلي فإذا فعل الله سبحانه ذلك حصل المتحدى به


    الشرط الرابع : هو أن تقع على وفق دعوى المتحدي بها المستشهد بكونها معجزة له وإنما وجب اشتراط هذا الشرط لأنه لو قال المدعي للرسالة : آية نبوتي ودليل حجتي أن تنطق يدي أو هذه فنطقت يده أو الدابة بأن قالت : كذب وليس هو نبي فإن هذا الكلام الذي خلقه الله تعالى دال على كذب ذلك المدعي للرسالة لأن ما فعله الله لم يقع على وفق دعواه وكذلك ما يروى ان مسيلمة الكذاب ـ لعنه الله ـ تفل في بئر ليكثر ماؤها فغارت البئر وذهب ما كان فيها من الماء فما فعل الله سبحانه من هذا كان من الآيات المكذبة لمن ظهرت على يديه لأنها وقعت على خلاف ما أراده المتنبىء الكذاب


    الشرط الخامس : من شروط المعجزة ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدى على وجه المعارضة فإن تم الأمر المتحدى به المستشهد به على النبوة على هذا الشرط مع الشروط المتقدمة فهي معجزة دالة على نبوة من ظهرت على يده فإن أقام الله تعالى من يعارضه حتى يأتي بمثل ما أتى به ويعمل مثل ما عمل بطل كونه نبيا وخرج عن كونه معجزا ولم يدل على صدقه ولهذا قال المولى سبحانه : { فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } وقال : { أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات } كأنه يقول : إن أدعيتم أن هذا القرآن من نظم محمد صلى الله عليه وسلم وعمله فاعملوا عشر سور من جنس نظمه فإذا عجزتم بأسركم عن ذلك فاعلموا أنه ليس من نظمه ولا من عمله


    لا يقال : ان المعجزات المقيدة بالشروط الخمسة لا تظهر إلا على أيدي الصادقين وهذا المسيخ الدجال فيما رويتم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم يظهر على يديه من الآيات العظام والأمور الجسام ما هو معروف مشهور فإنا نقول : ذلك يدعي الرسالة وهذا يدعي الربوبية وبينهما من الفرقان ما بين البصراء والعميان وقد قام الدليل العقلي على ان بعثة بعض الخلق الى بعض غير ممتنعة ولا مستحيلة فلم يبعد ان يقيم الله تعالى الأدلة على صدق مخلوق أتى عنه بالشرع والملة


    ودلت الأدلة العقلية أيضا على ان المسيخ الدجال فيه التصوير والتغيير من رجال الى حال وثبت ان هذه الصفات لا تليق إلا بالمحدثات تعالى رب البريات عن ان يشبه شيئا أو يشبه شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير


    إذا ثبت هذا فاعلم ان المعجزات على ضربين : الأول : ما اشتهر نقله وانقرض عصره بموت النبي صلى الله عليه وسلم والثاني : ما تواترت الأخبار بصحته وحصوله واستقاضت بثبوته ووجوده ووقع لسامعها العلم بذلك ضرورة ومن شرطه أن يكون الناقلون له خلقا كثيرا وجما غفيرا وأن يكونوا عالمين بما نقلوه علما ضروريا وأن يستوي في النقل اولهم وآخرهم ووسطهم في كثير العدد حتى يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب وهذه صفة نقل القرآن ونقل وجود النبي عليه الصلاة والسلام لأن الأمة رضي الله عنها لم تزل تنقل القرآن خلفا عن سلف والسلف عن سلفه الى أن يتصل ذلك بالنبي عليه السلام المعلوم وجوده بالضرورة وصدقه بالأدلة المعجزات والرسول أخذه عن جبريل عليه السلام عن ربه عز وجل فنقل القرآن في الأصل رسولان معصومان من الزيادة والنقصان ونقله الينا بعدهم أهل التواتر الذين لا يجوز عليهم الكذب فيما ينقلونه ويسمعونه لكثرة العدد ولذلك وقع لنا العلم الضروري بصدقهم فيما نقلوه من وجود محمد صلى الله عليه وسلم ومن ظهور القرآن على يديه وتحديه به ونظير ذلك من علم الدنيا علم الإنسان بما نقل اليه من وجود البلدان كالبصرة والشام والعراق وخراسان والمدينة ومكة وأشباه ذلك من الأخبار الكثيرة الظاهرة المتواترة فالقرآن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم الباقية بعده الى يوم القيامة ومعجزة كل نبي انقرضت بانقراضه أو دخلها التبديل والتغيير كالتوارة والإنجيل


    ووجوه إعجاز القرآن الكريم عشرة :


    منها : النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب وفي غيرها لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شيء وكذلك قال رب العزة الذي تولى نظمه : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } وفي صحيح مسلم أن انيسا أخا ابي ذر قال لأبي ذر


    لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم ان الله ارسله قلت : فما يقول الناس ؟ قال يقولون : شاعر كاهن ساحر وكان أنيس احد الشعراء قال أنيس : لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ولقد وضعت قوله على اقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون وكذلك أقر عتبة بن ربيعة أنه ليس بسحر ولا شعر لما قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : { حم } فصلت على ما يأتي بيانه هنالك فإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان موضعه من الفصاحة والبلاغة بأنه ما سمع مثل القرآن قط كان في هذا القول مقرا بإعجاز القرآن له ولضربائه من المتحققين بالفصاحة والقدرة على التكلم بجميع أجناس القول وأنواعه


    ومنها : الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب


    ومنها : الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال وتأمل ذلك في سورة : { ق والقرآن المجيد } الى آخرها وقوله سبحانه : { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } إلى آخر السورة وكذلك قوله سبحانه : { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون } إلى آخر السورة قال ابن الحصار فمن علم أن الله سبحانه وتعالى هو الحق علم أن مثل هذه الجزالة لا تصح في خطاب غيره ولا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول : { لمن الملك اليوم } ولا أن يقول { ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء }


    قال ابن الحصار وهذه الثلاثة من النظم والأسلوب والجزالة لازمة كل سورة بل هي لازمة كل آية وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر وبها وقع التحدي والتعجيز ومع هذا فكل سورة تنفرد بهذه الثلاثة من غير أن ينضاف اليه أمر آخر من الوجوه العشرة فهذه سورة { الكوثر } ثلاث آيات قصار وهي أقصر سورة في القرآن وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين أحدهما : الإخبار عن الكوثر وعظمه وسعته وكثرة اوانيه وذلك يدل على ان المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل والثاني : الإخبار عن الوليد بن المغيرة وقد كان عند نزول الآية ذا مال وولد على ما يقتضيه قوله الحق : { ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا } ثم أهلك الله ـ سبحانه ـ ماله وولده وانقطع نسله


    ومنها : التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي حتى يقع منهم الاتفاق من جميعهم على إصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه


    ومنها : الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا الى وقت نزوله من أمي ما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه فأخبر بما كان من قصص الأنبياء مع أممها والقرون الخالية في دهرها وذكر ما سأله أهل الكتاب عنه وتحدوه به من قصة أهل الكهف وشأن موسى والخضر عليهما السلام وحال ذي القرنين فجاءهم ـ وهو أمي من أمة أمية ليس لها بذلك علم ـ بما عرفوا من الكتب السابقة السالفة صحته فتحققوا صدقه


    قال القاضي ابي الطيب ـ نحن نعلم ضرورة ـ أن هذا مما لا سبيل اليه إلا عن تعلم وإذا كان معروفا انه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار ولا مترددا الى المتعلم منهم ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع اليه كتاب فيأخذ منه علم أنه لا يصل الى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي


    ومنها : الوفاء بالوعد المدرك بالحس في العيان في كل ما وعد الله سبحانه وينقسم : الى اخباره المطلقة كوعده بنصر رسوله عليه السلام وإخراج الذين أخرجوه من وطنه والى وعد مقيد بشرط كقوله : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } و { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } وشبه ذلك


    ومنها : الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي فمن ذلك : ما وعد الله نبيه عليه السلام انه سيظهر دينه على الأديان بقوله تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق } ففعل ذلك وكان ابو بكر رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله في إظهار دينه ليثقوا بالنصر وليستيقنوا بالنجح وكان عمر يفعل ذلك فلم يزل الفتح يتوالى شرقا وغربا برا وبحرا قال الله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } وقال : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } وقال : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } وقال : { الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون } فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين أو من أوقفه عليها رب العالمين فدل على أن الله تعالى قد أوقف عليها رسوله لتكون دلالة على صدقه


    ومنها : ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام في الحلال والحرام وفي سائر الأحكام


    ومنها الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي


    ومنها : التناسب في جميع ما تضمنه ظاهرا وباطنا من غير اختلاف قال الله تعالى : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }


    قلت : فهذه عشرة أوجه ذكرها علماؤنا رحمة الله عليهم ووجه حادي عشر قاله النظام وبعض القدرية : أن وجه الإعجاز هو المنع من معارضته والصرفة عند التحدي بمثله وأن المنع والصرفة هو المعجزة دون ذوات القرآن وذلك ان الله تعالى صرف هممهم عن معارضته مع تحديهم بأن يأتوا بسورة من مثله وهذا فاسد لأن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف ان القرآن هو المعجز فلو قلنا : إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا وذلك خلاف الإجماع وإذا كان كذلك علم أن نفس القرآن هو المعجز لأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة إذ لم يوجد قط كلام على هذا الوجه فلما لم يكن ذلك الكلام مألوفا معتادا منهم دل على أن المنع والصرفة لم يكن معجزا واختلف من قال بهذه الصرفة على قولين : أحدهما : أنهم صرفوا عن القدرة عليه ولو تعرصوا له لعجزوا عنه والثاني : أنهم صرفوا عن التعرض له مع كونه في مقدروهم ولو تعرضوا له لجاز ان يقدروا عليه


    قال ابن عطية : وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه ووجه إعجازه : أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فعلم بإحاطته أي لفظة تصلخ أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن الى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة النظر يبطل قول من قال : أن العرب كان في قدرتها ان تأتي بمثل القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يضع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر بعده فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ثم لا تزال بعد ذلك فيها مواضع للنظر والبدل وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد


    ومن فصاحة القرآن ان الله تعالى جل ذكره ذكر في آية واحدة أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين وهو قوله تعالى : { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه } وكذلك فاتحة سورة المائدة أمر بالوفاء ونهي عن النكث وحلل تحليلا عاما ثم استثنى استثناء بعد استثناء ثم أخبر عن حكمته وقدرته وذلك مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وأنبأ سبحانه عن الموت وحسرة الفوت والدار الآخرة وثوابها وعقابها وفوز الفائزين وتردي المجرمين والتحذير من الاغترار بالدنيا ووصفها بالقلة بالإضافة الى دار البقاء بقوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } وأنبأ أيضا عن قصص الأولين والآخرين ومآل المترفين وعواقب المهلكين في شطر آية وذلك في قوله تعالى : { فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا } و أنبأ جل وعز عن أمر السفينة واجرائها وإهلاك الكفرة واستقرار السفينة واستوائها وتوجيه أوامر التسخير الى الأرض والسماء بقوله عز وجل : { وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها } الى قوله : { وقيل بعدا للقوم الظالمين } الى غير ذلك


    فلما عجزت قريش عن الإتيان بمثله وقالت : ان النبي صلى الله عليه وسلم تقوله أنزل الله تعالى : { أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } ثم أنزل تعجيزا ابلغ من ذلك فقال : { أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات } فلما عجزوا حطهم عن هذا المقدار إلى مثل سورة من السور القصار فقال جل ذكره : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله } فأفحموا عن الجواب وتقطعت بهم الأسباب وعدلوا الى الحروب العناد وآثروا سبى الحريم والأولاد ولو قدروا على المعارضة لكان أهون كثيرا وأبلغ في الحجة وأشد تأثيرا هذا مع كونهم أرباب البلاغة واللحن وعنهم تؤخذ الفصاحة واللسن


    فبلاغة القرآن في أعلى طبقات الإحسان وأرفع درجات الإيجاز والبيان بل تجاوزت حد الإحسان والإجادة الى حيز الإرباء والزيادة هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما أوتي من جوامع الكلم واختص به من غرائب الحكم إذا تأملت قوله صلى الله عليه وسلم في صفة الجنان وإن كان في نهاية الإحسان وجدته منحطا عن رتبة القرآن ولك في قوله عليه السلام : [ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ] فأين ذلك من قوله عز وجل : { وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين } وقوله : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } هذا أعدل وزنا وأحسن تركيبا وأعذب لفظا وأقل حروفا على أنه لا يعتبر إلا في مقدار سورة أو أطول آية لأن الكلام كما طال اتسع فيه مجال المتصرف وضاق المقال على القاصر المتكلف وبهذا قامت الحجة على العرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة عيسى عليه السلام على الأطباء ومعجزة موسى عليه السلام على السحرة فإن الله سبحانه إنما جعل معجزات الأنبياء عليهم السلام بالوجه الشهير ابرع ما يكون في زمان النبي الذي أراد أظهاره فكان السحر في زمان موسى عليه السلام قد انتهى الى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى عليه السلام والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 18:40