شروط الصلاة
وهي الأمور التي يشترط وجودها لكي تصح الصلاة وهي:
1-دخول وقت الصلاة، قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} [_النساء: 103].
2-الطهارة من الحدث الأصغر (وهو كل ناقض للوضوء) والحدث الأكبر (الجنابة والحيض والنفاس) وكذلك طهارة الثوب والمكان من النجاسة، قال (: (لا تقبل الصلاة بغير طهور) [الجماعة].
3-ستر العورة بالثياب، فالإنسان عندما يبدأ صلاته يصير واقفًا أمام الله سبحانه، والله أحق أن يعظَّم، فعلى الإنسان أن يستر عورته عندئذ، وعورة الرجل ما بين السرة والركبتين، وعورة المرأة في الصلاة كل جسمها ما عدا الوجه والكفين.
4 -استقبال القبلة، قال تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150].
ويشترط لاستقبال القبلة القدرة والأمن، فلا يجب استقبالها لمن عجز عن معرفتها، ولم يجد من يوجهه إليها، وإذا لم يعرف الإنسان اتجاه القبلة سأل من يمكن أن يعلم اتجاهها، وإلا فعليه أن يجتهد في معرفتها ويصلي، فإذا تبين له أثناء الصلاة أنه قد أخطأ، وأرشده غيره من الناس، فيجب أن يتحول إلى القبلة ويكمل صلاته، أما إذا علم بخطئه بعد الصلاة فلا إعادة عليه، وصلاته صحيحة، وإذا استمر جهل الإنسان بالقبلة حتى جاءت صلاة أخرى فليجتهد في معرفتها مرة أخرى، وإن خالف ما قرره في المرة الأولى فليصل على اجتهاده الأخير، ولا إعادة لما سبق أن صلاه بالاجتهاد الأول .
ويسقط شرط استقبال القبلة في حالتين:
-في صلاة النافلة للمسافر (الراكب أو الماشي) فعليه أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو متجه نحو القبلة ثم يترك دابته تسوقه إلى أي اتجاه سارت فيه، فعن جابر قال: كان رسول الله ( يصلي على راحلته حيث توجهت به فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. [الجماعة] إلا إذا كان في سفر طويل يخاف معه فوات وقت الصلاة، ولا يستطيع النزول كأن يكون في طائرة مثلاً فيسقط عنه استقبال القبلة للعجز.
-صلاة المكره أو الخائف أو المريض إن عجز عن استقبال القبلة، وتعرف القبلة عن طريق المحاريب في المساجد أو عن طريق البوصلة.
5 -الإسلام.
6 -العقل.
7 -عدم النوم والغفلة.
8 -عدم الإتيان بفعل منافٍ للصلاة حتى الفراغ منها.
أركان الصلاة
دخل رجل المسجد فصلى، ثم جاء إلى النبي ( يسلم، فقال له النبي (: (ارجع فصل فإنك لم تصل) فرجع فصلى، ثم جاء فسلم، فقال (: (وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل) فقال الرجل في الثالثة: علمني ، فقال (: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر، واقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)
[الجماعة إلا مسلمًا].
وأركان الصلاة هي الأجزاء التي تتكون منها الصلاة، بحيث إذا ترك منها ركن أو أكثر بطلت الصلاة، وللصلاة أحد عشر ركنًا، هي:
1 -النية: قال (: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) _[البخاري] والنية محلها القلب، فوقوف الإنسان للصلاة نية، أما الجهر بها فلم يرد به نص، وبعض الفقهاء لم ير بأسًا بالتلفظ بها دفعًا للوسواس ويجب تعيين النية كأن ينوى صلاة الفجر أو الظهر أو غيرهما من الصلوات، ويستحب تعيين النية كذلك في السنن كأن ينوى صلاة الوتر وهكذا .
2 -تكبيرة الإحرام: وهي أن يقول الإنسان في افتتاح صلاته: الله أكبر، قال (: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) _[أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد].
3 -القيام: يجب على المسلم أن يصلي واقفًا في الفرض، لقوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238].
وإذا تعذر على الإنسان القيام في صلاة الفريضة لمرض ونحوه، فإنه يصلي على الحالة التي يقدر عليها: قاعدًا أو مضجعًا أو مستلقيًا على ظهره، لقوله (: (صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب) _[البخاري].
4 -قراءة الفاتحة: ويكون ذلك لكل ركعة، قال (: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) [الجماعة] فهي فرض في جميع ركعات الفرض والنفل، ومن عجز عن قراءتها وجب عليه أن يأتي ببدل منها من القرآن إن أمكنه، فإن عجز عن ذلك ذكر الله في نفسه.
5 -الركوع: وهو انحناء المسلم في صلاته بحيث يتمكن من إمساك ركبتيه بكفيه، ويمد ظهره مستويًا، ويجعل رأسه في مستوى ظهره، فلا يرفعه ولا يخفضه، ولا بد من الطمأنينة في الركوع وفي سائر أركان الصلاة، قال (: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته)، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ فقال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها) _
[أحمد والطبراني والبيهقي].
6 -الاعتدال من الركوع: يقف المسلم معتدلاً مطمئنًا بعد الركوع، فقد قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- : كان النبي ( إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائمًا. _[مسلم]
7 -السجود، وأعضاؤه: الوجه والكفان، والركبتان والقدمان، قال (: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه-واليدين والركبتين وأطراف القدمين) _[متفق عليه].
8 -الرفع من السجود .
9 -الجلوس بين السجدتين.
10 -الجلوس الأخير والتشهد.
والتشهد هو أن يقول المسلم: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) _[الجماعة].
11 -الطمأنينة .
21 -الاعتدال .
13 -السلام، لقوله (: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) _[أبوداود والترمذي وابن ماجه] ويشترط أن يكون بلفظ (السلام عليكم) هكذا معرف بالألف واللام، فلو قال (سلام عليك) أو (عليكم السلام) لا يجوز، والتسليمة الأولى هي الركن، والثانية سنة.
14-ترتيب الأركان: بأن يقدم الركوع على السجود والقيام على
الركوع.. وهكذا.
سنن الصلاة
وهي الأمور التي كان يفعلها النبي ( في صلاته، ويثاب المصلي على فعل هذه السنن، ومنها:
1 -رفع اليدين: وهي أن يرفع المصلي يديه مع بسط الكفين، بحيث يكون باطن الكفين في اتجاه القبلة، وظاهرهما بمحاذاة المنكبين، بحيث توازى أطراف الأصابع أعلى الأذنين، ويستحب الرفع في عدة مواضع، هي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الاعتدال من الركوع، وعند القيام من التشهد الأوسط
(أي: في بداية الركعة الثالثة).
2 -وضع اليد اليمنى على اليسرى، فكان ( يضع يده اليمنى على يده اليسرى، وكان يضعهما على صدره. [أبوداود].
3 -دعاء الاستفتاح: بأن يدعو المسلم بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة بدعاء من أدعية الاستفتاح، ومنها: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني بالماء والثلج والبرد) [متفق عليه].
4-الاستعاذة: قال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98] وكان ( يقول إذا افتتح الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه) [ابن حبان]
وهمز الشيطان: هو الجنون، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشِّعْر المذموم.
5 -التأمين: من السنة أن يقول المصلي: (آمين) وذلك بعد قراءة الفاتحة، يجهر بها إذا كان في صلاة جهرية، ويقولها سرًّا في الصلاة السرية، قال (: (إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه].
6-القراءة بعد الفاتحة: من السنة أن يقرأ المصلي -إذا كان إمامًا أو منفردًا- شيئًا من القرآن بعد قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين، وكان ( يراعى حال المصلين، فإذا سمع بكاء الصبي خفف رحمة به وبأمه، كما كان يطيل الركعة الأولى من كل صلاة حتى يستطيع المصلون اللحوق به.
ويجهر الإمام بالقراءة في الصلوات الجهرية: كالصبح والجمعة والعيدين والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء.
وليس على المأموم قراءة في الصلاة الجهرية، لقوله (: (من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة) _[ابن ماجه] وللمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف إمامه مراعاة للخلاف بين الفقهاء في ذلك.
7 -تكبيرات الانتقال: وهي أن يقول المصلى: (الله أكبر) كلما انتقل من ركن إلى ركن، إلا عند الاعتدال من الركوع فإنه يقول: (سمع الله لمن حمده)، إذا كان إمامًا أو منفردًا، فإن كان مأمومًا قال ربنا ولك الحمد.
8 -كيفية الركوع: كان ( إذا ركع بسط ظهره وسواه حتى لو صب عليه الماء لاستقر، كما كان يضع كفيه على ركبتيه، ويفرق بين أصابعه، ويبعد مرفقيه عن جنبيه، وكان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) _[مسلم] وكان يقول: (سبُّوح قدُّوس، ربُّ الملائكة والروح)
[مسلم وأبو داود والنسائي].
9 -الرفع من الركوع: قال (: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد. فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه) _[متفق عليه].
وكان يزيد عليها قوله: (ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) _[مسلم].
وذو الجد: هو صاحب العظمة والسلطان. ومنك الجد: يعنى منك يا رب النفع والنجاة.
10 -كيفية السجود: يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه، ويكون السجود على سبعة أعضاء، هي: الكفان، والركبتان، والقدمان، والوجه، ولا يفترش ذراعيه بل يرفعهما عن الأرض، ويباعدهما عن جنبه حتى يبدو بياض إبطيه من ورائه قال (: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) _[متفق عليه] وتختلف هيئة المرأة في السجود عن هيئة الرجل حيث يجب عليها أن تضم يديها إلى جنبيها وتضم جسمها إلى بعضه، وكان النبي ( يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى) [الخمسة].
11 -الجلوس بين السجدتين: كان النبي ( يفترش الأرض بعد رفعه من السجود فيجلس على رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويجعل أصابعها في اتجاه القبلة، ويقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي) [ابن ماجة].
12-جلسة الاستراحة: وهي جلسة خفيفة يجلسها المصلي قبل قيامه للركعة الثانية أو الرابعة.
13-التشهد الأوسط: ويكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، ويقرأ فيه المصلي التشهد حتى الشهادتين، ويجلس فيه مفترشًا، فيجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويجعل أصابعها في اتجاه القبلة، ويقبض أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة عند الشهادة.
14 -الصلاة على النبي ( في آخر التشهد الأخير: يقول: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد) _[مسلم].
ثم يدعو بعد ذلك لقوله (: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيخ الدجال) _[مسلم].
ويجلس المصلي للتشهد الأخير متوركًا بأن يجلس على الأرض، ويُخرج قدمه اليسرى من تحت رجله اليمنى، مع نصب اليمنى.
الأذكار والأدعية بعد الصلاة
كان النبي ( إذا فرغ من صلاته قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد (صاحب الجاه والغنى) منك الجد) [متفق عليه] ثم يستغفر الله -تعالى- فيقول: (أستغفر الله) ثلاث مرات. _[مسلم] ثم يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) _[مسلم].
وكان ( يأمر أصحابه بالذكر بعد الصلاة، فقد أوصى معاذًا أن يقول: (اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) _
[أبوداود والترمذي وابن حبان] وكان يقرأ سور: الإخلاص، والمعوذتين
(الفلق والناس) [متفق عليه] وكذلك يقرأ آية الكرسي، قال (: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) [النسائي وابن حبان] وقال (: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر) _[مسلم].
وكان ( يقول بعد صلاتي الفجر والمغرب قبل أن ينصرف من مقامه، وهو على هيئة التشهد الأخير: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) (عشر مرات) [الترمذي]، ويقول: (اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار) (سبع مرات) [أحمد].
الخشوع في الصلاة
الصلاة وقوف بين يدي الله، والمؤمن لا بد أن يكون في صلاته خاشع القلب ساكن الجوارح، باكٍ العين، مودعًا لنفسه وهواه، وقد كان علي بن
أبى طالب -رضي الله عنه-إذا حضر وقت الصلاة يتلوَّن وجهه، فقيل له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملتها .
وسئل حاتم الأصم -رضي الله عنه-عن صلاته، فقال: إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي، ثم أقوم إلى صلاتي، وأجعل الكعبة بين حاجبي، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، وملك الموت ورائي، وأظنها آخر صلاتي، ثم أقوم بين الرجاء والخوف، وأكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعًا بتواضع، وأسجد سجودًا بتخشع، وأقعد على الورك الأيسر وأفرش ظهر قدمها، وأنصب القدم اليمنى على الإبهام، وأتبعها الإخلاص، ثم لا أدري أقبلت مني أم لا؟
صلاة الجماعة
قال رسول الله (: (صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه (تدعو له) ما دام في مصلاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة) _[متفق عليه] وقال (: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (المنفرد) بسبع وعشرين درجة) [متفق عليه].
حكمها:
هي سنة مؤكدة عن رسول الله (، وتنعقد الجماعة بفرد واحد فأكثر مع الإمام، سواء كان الواحد رجلا أو امرأة أو صبيًّا مميزًا عند الجمهور، وذهب الحنابلة إلى القول بوجوب الجماعة، فقد أتى النبي ( رجل أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لى قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله ( أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم. قال: (فأجب) _[مسلم].
وقال (: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية) [أبوداود والنسائي].
ما يستحب عمله عند الخروج إلى صلاة الجماعة:
1-الحرص على تلبية النداء وعدم التأخر عن الجماعة، والصلاة في الصف الأول، قال (: (لو يعلم الناس ما في النداء (الأذان) والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه (أي يقترعوا عليه) لاستهموا) _[البخاري].
2-الذهاب إلى المسجد في سكينة وهدوء، لقوله (: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (أي: استكملوا ما فاتكم من الصلاة)_
[متفق عليه].
3-الصلاة في المسجد الذي يجتمع فيه أكبر عدد من المصلين وإن كان بعيدًا عن المنزل، قال (: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ (الفرد) بسبع وعشرين درجة) _[متفق عليه].
ويقول (: (إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى) _[البخاري].
أعذار ترك الجماعة والجمعة:
وهي الأمور التي يشترط وجودها لكي تصح الصلاة وهي:
1-دخول وقت الصلاة، قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} [_النساء: 103].
2-الطهارة من الحدث الأصغر (وهو كل ناقض للوضوء) والحدث الأكبر (الجنابة والحيض والنفاس) وكذلك طهارة الثوب والمكان من النجاسة، قال (: (لا تقبل الصلاة بغير طهور) [الجماعة].
3-ستر العورة بالثياب، فالإنسان عندما يبدأ صلاته يصير واقفًا أمام الله سبحانه، والله أحق أن يعظَّم، فعلى الإنسان أن يستر عورته عندئذ، وعورة الرجل ما بين السرة والركبتين، وعورة المرأة في الصلاة كل جسمها ما عدا الوجه والكفين.
4 -استقبال القبلة، قال تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150].
ويشترط لاستقبال القبلة القدرة والأمن، فلا يجب استقبالها لمن عجز عن معرفتها، ولم يجد من يوجهه إليها، وإذا لم يعرف الإنسان اتجاه القبلة سأل من يمكن أن يعلم اتجاهها، وإلا فعليه أن يجتهد في معرفتها ويصلي، فإذا تبين له أثناء الصلاة أنه قد أخطأ، وأرشده غيره من الناس، فيجب أن يتحول إلى القبلة ويكمل صلاته، أما إذا علم بخطئه بعد الصلاة فلا إعادة عليه، وصلاته صحيحة، وإذا استمر جهل الإنسان بالقبلة حتى جاءت صلاة أخرى فليجتهد في معرفتها مرة أخرى، وإن خالف ما قرره في المرة الأولى فليصل على اجتهاده الأخير، ولا إعادة لما سبق أن صلاه بالاجتهاد الأول .
ويسقط شرط استقبال القبلة في حالتين:
-في صلاة النافلة للمسافر (الراكب أو الماشي) فعليه أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو متجه نحو القبلة ثم يترك دابته تسوقه إلى أي اتجاه سارت فيه، فعن جابر قال: كان رسول الله ( يصلي على راحلته حيث توجهت به فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. [الجماعة] إلا إذا كان في سفر طويل يخاف معه فوات وقت الصلاة، ولا يستطيع النزول كأن يكون في طائرة مثلاً فيسقط عنه استقبال القبلة للعجز.
-صلاة المكره أو الخائف أو المريض إن عجز عن استقبال القبلة، وتعرف القبلة عن طريق المحاريب في المساجد أو عن طريق البوصلة.
5 -الإسلام.
6 -العقل.
7 -عدم النوم والغفلة.
8 -عدم الإتيان بفعل منافٍ للصلاة حتى الفراغ منها.
أركان الصلاة
دخل رجل المسجد فصلى، ثم جاء إلى النبي ( يسلم، فقال له النبي (: (ارجع فصل فإنك لم تصل) فرجع فصلى، ثم جاء فسلم، فقال (: (وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل) فقال الرجل في الثالثة: علمني ، فقال (: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر، واقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)
[الجماعة إلا مسلمًا].
وأركان الصلاة هي الأجزاء التي تتكون منها الصلاة، بحيث إذا ترك منها ركن أو أكثر بطلت الصلاة، وللصلاة أحد عشر ركنًا، هي:
1 -النية: قال (: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) _[البخاري] والنية محلها القلب، فوقوف الإنسان للصلاة نية، أما الجهر بها فلم يرد به نص، وبعض الفقهاء لم ير بأسًا بالتلفظ بها دفعًا للوسواس ويجب تعيين النية كأن ينوى صلاة الفجر أو الظهر أو غيرهما من الصلوات، ويستحب تعيين النية كذلك في السنن كأن ينوى صلاة الوتر وهكذا .
2 -تكبيرة الإحرام: وهي أن يقول الإنسان في افتتاح صلاته: الله أكبر، قال (: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) _[أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد].
3 -القيام: يجب على المسلم أن يصلي واقفًا في الفرض، لقوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238].
وإذا تعذر على الإنسان القيام في صلاة الفريضة لمرض ونحوه، فإنه يصلي على الحالة التي يقدر عليها: قاعدًا أو مضجعًا أو مستلقيًا على ظهره، لقوله (: (صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب) _[البخاري].
4 -قراءة الفاتحة: ويكون ذلك لكل ركعة، قال (: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) [الجماعة] فهي فرض في جميع ركعات الفرض والنفل، ومن عجز عن قراءتها وجب عليه أن يأتي ببدل منها من القرآن إن أمكنه، فإن عجز عن ذلك ذكر الله في نفسه.
5 -الركوع: وهو انحناء المسلم في صلاته بحيث يتمكن من إمساك ركبتيه بكفيه، ويمد ظهره مستويًا، ويجعل رأسه في مستوى ظهره، فلا يرفعه ولا يخفضه، ولا بد من الطمأنينة في الركوع وفي سائر أركان الصلاة، قال (: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته)، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ فقال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها) _
[أحمد والطبراني والبيهقي].
6 -الاعتدال من الركوع: يقف المسلم معتدلاً مطمئنًا بعد الركوع، فقد قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- : كان النبي ( إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائمًا. _[مسلم]
7 -السجود، وأعضاؤه: الوجه والكفان، والركبتان والقدمان، قال (: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه-واليدين والركبتين وأطراف القدمين) _[متفق عليه].
8 -الرفع من السجود .
9 -الجلوس بين السجدتين.
10 -الجلوس الأخير والتشهد.
والتشهد هو أن يقول المسلم: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) _[الجماعة].
11 -الطمأنينة .
21 -الاعتدال .
13 -السلام، لقوله (: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) _[أبوداود والترمذي وابن ماجه] ويشترط أن يكون بلفظ (السلام عليكم) هكذا معرف بالألف واللام، فلو قال (سلام عليك) أو (عليكم السلام) لا يجوز، والتسليمة الأولى هي الركن، والثانية سنة.
14-ترتيب الأركان: بأن يقدم الركوع على السجود والقيام على
الركوع.. وهكذا.
سنن الصلاة
وهي الأمور التي كان يفعلها النبي ( في صلاته، ويثاب المصلي على فعل هذه السنن، ومنها:
1 -رفع اليدين: وهي أن يرفع المصلي يديه مع بسط الكفين، بحيث يكون باطن الكفين في اتجاه القبلة، وظاهرهما بمحاذاة المنكبين، بحيث توازى أطراف الأصابع أعلى الأذنين، ويستحب الرفع في عدة مواضع، هي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الاعتدال من الركوع، وعند القيام من التشهد الأوسط
(أي: في بداية الركعة الثالثة).
2 -وضع اليد اليمنى على اليسرى، فكان ( يضع يده اليمنى على يده اليسرى، وكان يضعهما على صدره. [أبوداود].
3 -دعاء الاستفتاح: بأن يدعو المسلم بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة بدعاء من أدعية الاستفتاح، ومنها: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني بالماء والثلج والبرد) [متفق عليه].
4-الاستعاذة: قال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98] وكان ( يقول إذا افتتح الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه) [ابن حبان]
وهمز الشيطان: هو الجنون، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشِّعْر المذموم.
5 -التأمين: من السنة أن يقول المصلي: (آمين) وذلك بعد قراءة الفاتحة، يجهر بها إذا كان في صلاة جهرية، ويقولها سرًّا في الصلاة السرية، قال (: (إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه].
6-القراءة بعد الفاتحة: من السنة أن يقرأ المصلي -إذا كان إمامًا أو منفردًا- شيئًا من القرآن بعد قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين، وكان ( يراعى حال المصلين، فإذا سمع بكاء الصبي خفف رحمة به وبأمه، كما كان يطيل الركعة الأولى من كل صلاة حتى يستطيع المصلون اللحوق به.
ويجهر الإمام بالقراءة في الصلوات الجهرية: كالصبح والجمعة والعيدين والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء.
وليس على المأموم قراءة في الصلاة الجهرية، لقوله (: (من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة) _[ابن ماجه] وللمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف إمامه مراعاة للخلاف بين الفقهاء في ذلك.
7 -تكبيرات الانتقال: وهي أن يقول المصلى: (الله أكبر) كلما انتقل من ركن إلى ركن، إلا عند الاعتدال من الركوع فإنه يقول: (سمع الله لمن حمده)، إذا كان إمامًا أو منفردًا، فإن كان مأمومًا قال ربنا ولك الحمد.
8 -كيفية الركوع: كان ( إذا ركع بسط ظهره وسواه حتى لو صب عليه الماء لاستقر، كما كان يضع كفيه على ركبتيه، ويفرق بين أصابعه، ويبعد مرفقيه عن جنبيه، وكان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) _[مسلم] وكان يقول: (سبُّوح قدُّوس، ربُّ الملائكة والروح)
[مسلم وأبو داود والنسائي].
9 -الرفع من الركوع: قال (: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد. فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه) _[متفق عليه].
وكان يزيد عليها قوله: (ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) _[مسلم].
وذو الجد: هو صاحب العظمة والسلطان. ومنك الجد: يعنى منك يا رب النفع والنجاة.
10 -كيفية السجود: يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه، ويكون السجود على سبعة أعضاء، هي: الكفان، والركبتان، والقدمان، والوجه، ولا يفترش ذراعيه بل يرفعهما عن الأرض، ويباعدهما عن جنبه حتى يبدو بياض إبطيه من ورائه قال (: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) _[متفق عليه] وتختلف هيئة المرأة في السجود عن هيئة الرجل حيث يجب عليها أن تضم يديها إلى جنبيها وتضم جسمها إلى بعضه، وكان النبي ( يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى) [الخمسة].
11 -الجلوس بين السجدتين: كان النبي ( يفترش الأرض بعد رفعه من السجود فيجلس على رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويجعل أصابعها في اتجاه القبلة، ويقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي) [ابن ماجة].
12-جلسة الاستراحة: وهي جلسة خفيفة يجلسها المصلي قبل قيامه للركعة الثانية أو الرابعة.
13-التشهد الأوسط: ويكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، ويقرأ فيه المصلي التشهد حتى الشهادتين، ويجلس فيه مفترشًا، فيجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويجعل أصابعها في اتجاه القبلة، ويقبض أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة عند الشهادة.
14 -الصلاة على النبي ( في آخر التشهد الأخير: يقول: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد) _[مسلم].
ثم يدعو بعد ذلك لقوله (: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيخ الدجال) _[مسلم].
ويجلس المصلي للتشهد الأخير متوركًا بأن يجلس على الأرض، ويُخرج قدمه اليسرى من تحت رجله اليمنى، مع نصب اليمنى.
الأذكار والأدعية بعد الصلاة
كان النبي ( إذا فرغ من صلاته قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد (صاحب الجاه والغنى) منك الجد) [متفق عليه] ثم يستغفر الله -تعالى- فيقول: (أستغفر الله) ثلاث مرات. _[مسلم] ثم يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) _[مسلم].
وكان ( يأمر أصحابه بالذكر بعد الصلاة، فقد أوصى معاذًا أن يقول: (اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) _
[أبوداود والترمذي وابن حبان] وكان يقرأ سور: الإخلاص، والمعوذتين
(الفلق والناس) [متفق عليه] وكذلك يقرأ آية الكرسي، قال (: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) [النسائي وابن حبان] وقال (: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر) _[مسلم].
وكان ( يقول بعد صلاتي الفجر والمغرب قبل أن ينصرف من مقامه، وهو على هيئة التشهد الأخير: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) (عشر مرات) [الترمذي]، ويقول: (اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار) (سبع مرات) [أحمد].
الخشوع في الصلاة
الصلاة وقوف بين يدي الله، والمؤمن لا بد أن يكون في صلاته خاشع القلب ساكن الجوارح، باكٍ العين، مودعًا لنفسه وهواه، وقد كان علي بن
أبى طالب -رضي الله عنه-إذا حضر وقت الصلاة يتلوَّن وجهه، فقيل له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملتها .
وسئل حاتم الأصم -رضي الله عنه-عن صلاته، فقال: إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي، ثم أقوم إلى صلاتي، وأجعل الكعبة بين حاجبي، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، وملك الموت ورائي، وأظنها آخر صلاتي، ثم أقوم بين الرجاء والخوف، وأكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعًا بتواضع، وأسجد سجودًا بتخشع، وأقعد على الورك الأيسر وأفرش ظهر قدمها، وأنصب القدم اليمنى على الإبهام، وأتبعها الإخلاص، ثم لا أدري أقبلت مني أم لا؟
صلاة الجماعة
قال رسول الله (: (صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه (تدعو له) ما دام في مصلاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة) _[متفق عليه] وقال (: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (المنفرد) بسبع وعشرين درجة) [متفق عليه].
حكمها:
هي سنة مؤكدة عن رسول الله (، وتنعقد الجماعة بفرد واحد فأكثر مع الإمام، سواء كان الواحد رجلا أو امرأة أو صبيًّا مميزًا عند الجمهور، وذهب الحنابلة إلى القول بوجوب الجماعة، فقد أتى النبي ( رجل أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لى قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله ( أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم. قال: (فأجب) _[مسلم].
وقال (: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية) [أبوداود والنسائي].
ما يستحب عمله عند الخروج إلى صلاة الجماعة:
1-الحرص على تلبية النداء وعدم التأخر عن الجماعة، والصلاة في الصف الأول، قال (: (لو يعلم الناس ما في النداء (الأذان) والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه (أي يقترعوا عليه) لاستهموا) _[البخاري].
2-الذهاب إلى المسجد في سكينة وهدوء، لقوله (: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (أي: استكملوا ما فاتكم من الصلاة)_
[متفق عليه].
3-الصلاة في المسجد الذي يجتمع فيه أكبر عدد من المصلين وإن كان بعيدًا عن المنزل، قال (: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ (الفرد) بسبع وعشرين درجة) _[متفق عليه].
ويقول (: (إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى) _[البخاري].
أعذار ترك الجماعة والجمعة: